كيف نشأ النجم المغربي وما طريق وصوله لمجاورة ألمع النجوم في ريال مدريد؟

 دخل الشاب المغربي "أشرف حكيمي" تاريخ كرة القدم من أوسع أبوابه، حيث بات السباق للعديد من الإنجازات المميزة مشرفًا العرب وجاعلاً إياهم يفتخرون به، بل وإنه مع اقتراب أي موعد أو حدث ما لإنتر، تجد المشجعين وكافة المتتبعين الناطقين بلغة الضاد يتحدثون عنه، ناهيك عن تمعنهم الدقيق لتحركاته ولكل كرة يلمسها.

أشرف حكيمي.. "غزال الأطلس" الذي يحكم قبضته على التاريخ

 وكما يعلم الجميع، لكل قصة نجاح عبر ودلالات عميقة تحرك ما بداخلنا وتُنعش فكرنا، ورواية أشرف هي الأخرى لا تكاد تخلو في إحدى فقراتها من المعاني المميزة والفريدة من نوعها، فهيا بنا نغوص في طياتها وتفاصيلها لنرى كيف كان ميلاد هذا النجم الطموح وكيف تمكن من فرض نفسه مبكرًا في إحدى أعرق الأندية الأوروبية على الإطلاق.


ينحدر أشرف من عائلة بسيطة ومتواضعة من المغرب، والدته من مدينة القصر الكبير ووالده من واد زم. رحل الأب إلى إسبانيا عندما كان طالبًا وذلك نظرًا للظروف الصعبة التي كان يعيشها، إذ قرر أن يغُير من حاله في أقرب بلد أوروبي من القارة، فاشتغل هناك بالموازاة مع الدراسة كبائع للملابس والنظارات.


مر الوقت واستطاع بالفعل "حسن حكيمي" أن يوفر لنفسه أُساسيات العيش الكريم، ليقرر بذلك الزواج سنة 1992 ويُنجب عقبها ب6 سنوات طفلاً لم يكن يدري أبدًا أنه جوهرة وموهبة ستجعل كافة أبناء بلاده، بل والعالم العربي بأكمله يتغنى باسم العائلة ويتغزل به.


ولد أشرف وترعرع في خيتافي بضواحي العاصمة الإسبانية، حيثُ يتجمع هناك المهاجرون من كل حدب وصوب وكان من بين الأطفال النشيطين جدًا، إذ لا يتوقف حسب ما يرويه أصدقاؤه عن الحركة وتحدي نفسه حتى في أبسط الأمور.


عُرف الصبي بالكسل في الدراسة والتهاون عن إنجاز الواجبات، لكنه كان في المقابل يبدع في كرة القدم والتي  دائمًا ما داعبها مع رفاقه في الشارع. يحاول كلما أتيحت له الفرصة تنظيم مباريات مصغرة معهم ويظل منسجمًا مع الساحرة المستديرة لساعات طويلة.


حاولت أمه أن توجهه لرياضات أخرى كالسباحة والجودو، غير أن عشق كرة القدم كان يستهويه ولم يرغب في شيء سواها، ما دفع والده لإدماجه في نادي الحي المسمى ب" كولونيا أوفيجيفي". لم يتعد حينها ال7 من عمره، لكنه أبهر الجميع بقدرته على الركض بسرعة فائقة وبدون توقف كما أنه تمتع بطاقة كبيرة تجعله يقاتل حتى على أصعب الكرات.


في إحدى البطولات المصغرة، لفت حكيمي النشيط انتباه كشافة الميرينجي، فاستدعوه في نهاية الموسم لإجراء الاختبارات في "الفالديبيباس". نجح الطفل في إقناع المسؤولين بضمه لأكاديمية اللوس بلانكوس والتي تدرج في مختلف فئاتها السنية مقدمًا مستويات مميزة ومظهرًا ثقة كبيرة في قدراته منذ فترة المراهقة.


مكنه اجتهاده وعمله المتواصل من الالتحاق سنة 2016 بالفريق الثاني للريال "الكاستيا" والذي كان حينها "زين الدين زيدان" يُشرف على تدريبه. رأى الرجل الفرنسي في حكيمي ظهيرًا مميزًا وبإمكانيات عالية، لا سيما أنه كان صلبًا جدًا في الدفاع ولا يتردد أبدًا في الصعود لتقديم الدعم الهجومي، إذ يستند في ذلك على مهاراته في الاختراق، دقة تمريراته وانطلاقاته السريعة التي كان رفاقه يلقبونه على إثرها بـ "الغزال".


استدعاه "زيزو" خلال الصيف للمعسكر التحضيري في أمريكا، قبل أن يثبته في الفريق الأساسي جاعلاً منه البديل الأول للإسباني "داني كاربخال" ومستغنيًا تمامًا عن القيام بصفقة ما لتعويض المنتقل إلى مانشستر سيتي "دانيلو".


كانت هذه الخطوة بمثابة افتتاح أبواب السعد والمجد في وجه أشرف وقد أصبح منذ أول مباراة رسمية له أمام إسبانيول حديث الكل، كيف لا وهو العربي الأول الذي يحمل قميص الميرينجي. لعب الحظ دورًا كبيرًا في حصول أشرف على فرصته مبكرًا أو كما يقول المثل الشهير "مصائب قوم عند قوم فوائد"، فمعاناة كاربخال من مرض فيروسي، فسحت المجال لميلاد نجم مغربي لم ينس أبدًا أصوله وجدوره


لم يتأخر اللاعب في تلبية نداء القلب وسرعان ما مثل أسود الأطلس، بل إنه لم ينتظر ليسجل أول هدف له بقميص النجمة الخضراء، ذلك في مواجهة مالي ضمن تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2018.


التألق وتلميع السجل لم يكن أبدًا صعبًا عليه وفي كل مناسبة يعطي الجماهير مؤشرات وبوادر نجم كبير قادم في الساحة الأوروبية، فقد أبدع من جديد في مواجهة إشبيلية وفرض بصمته كأول عربي يزور الشباك بقميص ريال مدريد وذلك أيامًا قليلة قبل مشاركته في كأس العالم للأندية وتتويجه بلقبها الذي يشكل أو إنجازاته مع الفريق. 


حكيمي أثبت الآن كأحد العناصر الموهوبة والمميزة داخلة كوكبة نجوم النادي الملكي، مجاورًا أفضل اللاعبين في العالم وهو لم يتعد بعد ال19 عامًا، لكن ذلك ليس كل شيء، فالتحديات القادمة أمامه رفيعة الشأن وعدد من العمالقة لم يحالفهم الحظ لخوضها.


بعد التتويج بدوري الأبطال في ريال مدريد، أراد حكيمي لعب دور الأساسي، فرحل إلى ألمانيا وتجربة ناجحة لموسمين مع بوروسيا دورتموند تحول فيها إلى أحد أفضل لاعبي العالم على الطرف الأيمن بمساهماته الهجومية المستمرة وسرعته التي لا تضاهى.


الآن حكيمي يصول ويجول في ملاعب الكرة الإيطالية وأصبح لا غنى عنه في تشكيل إنتر الساعي لكسر صيامه مع البطولات، فهل يأتي الفرج على يد النجم المغربي؟